المحبة هي غاية العبادة
فإذا علمنا أن الحكمة من خلق الثقلين هي العبادة؛ فلنعلم أن العبادة هي تأليه الله تبارك وتعالى، وإذا رجعنا للاشتقاق اللغوي لهذه الكلمة فإن المحبة: هي تأليه الله، ولذلك نحن نقول (لا إله إلا الله) مقرين وشاهدين على أننا لا نعبد إلا الله.
ولذلك فإن حقيقة لا إله إلا الله -كما جاءت في بعض الآيات وبعض الأحاديث- هي: أن لا يعبد إلا الله كما في آية الأنبياء: ((وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ))[الأنبياء:25] فهذه الكلمة هي بمعنى الآية الأخرى التي قال الله تعالى فيها: (( أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ))[النحل:36] فالمعنى واحد.
ولذلك فإن الرسل الذين قال كل واحد منهم لقومه: (لا إله إلا الله) ودعاهم إليها، هم الذين قالوا لأقوامهم ((أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ))[هود:26] و((أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ))[المؤمنون:32] كما ورد ذلك في قصص الأنبياء،كنوح وهود وشعيب وصالح وغيرهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
فإذا كانت حقيقة العبادة هي التأله، فإن المحبة هي غاية التأله، أو بمعنى آخر: إن المحبة في اللغة إذا اشتدت وغلا فيها صاحبها، أو عظمت عند صاحبها وارتقت فإنها تصبح ولهاً، ويصبح المحب الذي يحب محبة عظيمة بشغف وشوق شديد ولهاناً، ويقال له: (ولِه، وَوَاله، وولهان) من هنا فإن الوله هو: شدة المحبة، والتأله لله تبارك وتعالى هو: شدة محبة الله، ومحبة ما جاء من عند الله تبارك وتعالى.
فإذا قيل في اللغة: فلان يتأله؛ فإن معنى ذلك أنه يتحبب إلى الله تبارك وتعالى، ويحب الله تبارك وتعالى محبةً عظيمةً.